جرح ـآلقدر مشرف قسم
عدد المساهمات : 312 تاريخ التسجيل : 15/05/2011
| موضوع: حالة العالم قبل البعثة المحمدية الأحد مايو 22, 2011 10:20 pm | |
| حالة العالم قبل البعثة المحمدية (ظهرَ الفسادُ في البَرِّ والبَحرِ بِما كسَبَت أيدي النَّاس ليُذيقُهم بَعضَ الَّذي عمِلوا لعلَّهم يرجِعون) (الروم/ 41)، (اعلَمُوا أنَّ اللهَ يُحيي الأرضَ بَعدَ مَوتِها قَد بينّا لَكُمُ الآياتِ لعلّكُم تَعقِلُونَ) (الحديد/ 17). تحدَّثنا هذه الآيات القرآنية عن الفساد الذي عم البلاد والعباد، قبل البعثة المحمدية، فقد حلَّ الموت العقلي والأدبي والروحي بالجنس البشري، وأرخى الظلام سُدولَه في كل مكان، فسادت الفوضى في العقائد، وتاه الناس في بيداء الضلالة. وفقدت اليهوديّة والهندوسيّة والبوذيّة ما كان لها من تأثير في نفوس أتباعها، ودبّ دبيب الفساد في المسيحيّة خلال القرن السابع الميلادي، واسرعت إليها الشيخوخة(1)، ومزقتها الخلافات والبدع الدينية كل مُمَزَّق، واستحال دين المسيح عليه السّلام إلى دين وثني، وتسربت الأفكار الوثنيّة إلى أذهان الجماهير. وأصبح النّاس يعبدون أرواح الموتى وآثارهم، ويتوجهون بالعبادة إلى التماثيل والصُّور. وكانت حال العالم الاجتماعية والأدبية مما يُرثى له كذلك. ولم يقف أتباع هذه الديانات عند حد التَّخلي عن الفضيلة فحسب، بل صاروا يَعُدُّون الرذيلة فضيلةً. وارتكب الناس الموبقات لينالوا الأجر والثواب عند الرب بزعمهم، وتردَّت كلُّ أمة في حَمأة الفساد الخُلقي، وظهر الفساد في البر والبحر، والقارات والجزر. وقد يَدهَش الكثيرون لهذا القول، ولكنه هو الحق. وحَسب القارىء أن يذكر أن هذا الوقت كان أَحلك فترة في العصور الوسطى بأوروبة، وفي العصور المزدكية بفارس، والبورانية في الهند. وكانت الفاحشة ترتكب في أثناء أداء الشعائر الدينية، وهي جريمة تلي القتل في نتائجها، وكانوا يرتكبونها على اعتبار أنها فضيلة يُقرّها الدِّين وأما الاعتراف المعروف في المسيحية فكان ما يرتكب فيه من الآثام أكثر مما يُتَطهَّر منه. وكانت حالة القسطنطينية في عهد جُستِنيان، المشرع المسيحي العظيم، خير شاهد على حالة الفساد والانحطاط اللّذين سادا المجتمع في أنحاء العالم المسيحي، فلم يكن للفضائل الخاصة والعامة أي وزن عند الناس. وتربَّعت عاهرة على عرش القياصرة، تتمتع بكل لما يتمتع به الإمبراطور من مظاهر الملك والعظمة، وزاولت تيودورا تجارتها علناً في مدينة قسطنطين، وأصبح اسمها مُضغةً في أقواه أهل الفسق والفجور من سكان المدينة، وصارت ملكةً يعبدها القاضي الوقور، والأسقُف الورع، والقائد الظافر، والملك الأسير، وكانت فظائعها وصمة عار في جبين الإمبراطورية، ولم يكن لها رادع من دين، أو وازع من ضمير، وقد شاعت في هذا العصر الفتن، والثورات، والاضطرابات الدموية؛ وكان للقسس فيها الحظ الأكبر، ولم يكن يُراعى فيها حرمة لقانون شرعي أو وضعي. وكانت جرائم القتل الفظيعة ترتكب داخل الكنائس والمذابح. ولم يسلم مكان ما من السلب والنهب. أما بلاد فارس فقد شاعت فيها عبادة الفرج عدة قرون. وأول من دعا إليها أرتكز رسيس مِنيمون شقيق قُبرص؛ وقد بلغت تلك العبادة أشدَّها على عهد مَزدَك وكان يدين بمبدأ الشركة في النساء فيما يدين به من المبادىء الممقوتة، كما كان يقدِّس مناظر الفحش التي تقترن بالعربدة والسُّكر. وكانت هذه الشيوعية الفظيعة في النساء منتشرة أيضاً في الهند طبقاً لتعاليم شَكتكماك التي بلغت عنفوانها في الهند إذ ذاك. وكان من حق الكاهن الشكتماكي أن يطلب التمتع بزوجات غيره، فيطاع أمرُه بطيب خاطر. وكان العروس تقضي الأسبوع الأول في صحبة كبار الكهنة، ويرون ذلك فضيلة تجلب رضا الرب فيبارك في حياتهم الزوجية. وكانت ليلة الاحتفال بالعيد الهندوكي المسمى بالشِّفرارتي مظهراً لأفحش ضروب البهيمية فكانوا لا يتورعون عن الزنا بالمحارم تحت تأثير الخمر والنساء، كما كانت الأناشيد المقدسة التي يترثمون بها في تلك المناسبة تُشيد بهذه المنكرات والخبائث. ولما كانت الفضائل في نظر الناس صورةً منعكسة من صفات الإله الذي يؤمنون به (وهذا صحيح لأن الإله في كل زمان ومكان يجمع في ذاته كافة الصفات التي يراها الناس فضائل وكمالات) أمكننا أن ندرك مدى الهوة السحيقة التي تدهورت إليها الأخلاق عند الهنود، لأن حياة آلهتهم كانت طافحة بألوان الفساد الخلقي. ولكنَّ بلاد العرب كانت أشد البقاع ظلاماً في أحلك عصر في تاريخ العالم، فقد فشا فيهم شرب الخمر، وانتهاك العرض، ولعب الميسر، وكان سفك الدماء، ووأد البنات، ونهب الأموال، من دواعي الفخر عندهم. ولم يكن لهم وازع خلقي أو ديني أو اجتماعي يكبح جماحهم. ولكن يكن للزواج حدود، ولا للطلاق قيود. وإلى جانب الفوضى العامة في العلاقات الجنسية، كانوا يتهالكون على الزنا بالمحارم. وكان الأبناء يَنكِحون ما نكح آباؤهم من النساء. وكان المحصنات من النساء لا يَرَين عاراً في أن يغازلن غير أزواجهن، بل كن يفخرن في حياة الخليل، بعدد ما لهن من خليل. وكانو يئدون البنات أحياء. وكانت المنازعات الدموية شائعة بينهم، وكثيراً ما كانوا يقتلون الرجل لأن بدرت منه كلمة طائشة. وكانت روح السَّلب والنهب والقتل والانتقام من القوة بحيث إن النساء لم يكن يهدأ لهن بال حتى يصبغن ملابسهن بدم أعدائهن، ويأكلن قلوبهم، وإني لا أتصور رذيلة لم يتصف بها العرب في أسوأ صورها في ذلك الوقت. ويقول جيبون عن العرب في تلك الأيام "لم يكن الإنسان يفترق كثيراً عن الحيوان في ذلك المجتمع الذي لايستحق هذا الاسم، فقد كان أشبه بحال الإنسان البدائي في الانحطاط، فلم يكن يعرف القوانين، ولم يمارس الصناعات، وكانت مداركه العقلية ضعيفة، ولا يكاد يُبِين". صحيح أنه لم تخلُ حقبة من الزمان من الشرور والآثام، ولكن أسوأ ما كان يمتاز به هذا العصر هو أن البشرية بلغت الدرك الأسفل من الانحطاط ولئن كان العالم في حاجة قط إلى نبي، لقد كان أحوجَ ما يكون إليه في ذلك الوقت، وقد جرت سنة الله في خلقه أن يرسل النُّور عقب الظلام، وأن يرسل الغيث عقب الجفاف، كذلك الأنبياء تظهر عَقِبَ فترة من فترات الانحطاط البشري، ولكن الفترة التي سبقت مبعث النبي صلى الله عليه وسلم امتازت بأن العالم جميعه قد غَشِيته سحابة كثيفة من الكفر والجهل والفجور، واحتجبت فيه شمس الفضيلة، وانقلبت الأوضاع، فصار القبيح حسناً، والحسن قبيحاً. ولقد بعث الله تعالى من قبل كثيراً من الأنبياء والرسل، ولكن الوقت الذي بعثوا فيه لم يكن مُكفهراً كالوقت الذي بُعث فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولم تكن مهمة من تقدمه من الأنبياء شاقة، كما كانت مهمته صلى الله عليه وسلم. فقد جاء موسى عليه السلام ليحرر بني إسرائيل من رِبقَة فرعون، ويأخذهم إلى أرض الميعاد. وكان المصريون في ذلك العصر أهل ثقافة وحضارة، لهم باع طويل في الفنون والعلوم، ولهم قوانين خُلُقية. وكان عندهم طائفة تسمى السَّحرة، يقرأون أسرار الكون، ويمارسون التنويم المغناطيسي. وكذلك ظهر عيسى عليه السَّلام وسط الثقافة والحضارة الرُّومانيَّة، ورأى حوله ثقافة تكاد تضارع ثقافة العصر الحاضر، وكان الرومان يعبدون الأوثان، ولكن قوم عيسى عليه السَّلام كانوا يعرفون التوحيد وكان التمسكُ بالرُّسوم، والوقوفُ عند صور العبادات، والرياءُ، والانغماسُ في الشَّهوات، هي الآفاق المنتشرة في عصره. ولكن دين الله وأحكامه كان معروفاً لقومه. وما كان مجيىء عيسى عليه السّلام إلا (ليكمِّل النَّاموس والأنبياء نصاً وروحاً)، [لا تَظُنُّوا أني جئتُ لأنقضَ النَّاموسً أو الأنبياء، ما جئت لأنقضَ بل لأكمل]، (متى 5/17). وإذا كانت تلك الحالة اقتضت إرسال موسى وعيسى عليهما السّلام، فإن الحالة في القرن السادس الميلادي كانت تقتضي إما ظهور نبي في كل قطر، وإما ظهور نبي عظيم يُعيد الدِّين سيرته الأولى في كل مكان،لأن النّاس خالفوا الشّرع، وتعدوا حدود الله في كل مكان. ولم تشاهد الأرض قط عصراً أشد ظلاماً من ذلك العصر. ولكن العرب كانوا أسوأ الناس حالاً يرتكبون أحطَّ أنواع الآثام، يجاهرون بها ولا يستخفون، وكانوا أجهل أهل الأرض. هذا على الرغم من أن الله تعالى حباهم بالعبقرية الشعرية النادرة، ولكنهم كانوا يَنظِمُونَ القَريضَ ليُعدّدوا فيه مساوئهم. وإذا كان الأفق الأخلاقي في العالم مكفهراً في ذلك الوقت، فإن الجانب الروحي والديني لم يكن أقل ظلاماً. وكلامي هنا ينصب على المسيحية وحدها، فعيسى عليه السّلام لم يأت بشريعة جديدة، ولم يأت بدين جديد؛ ولكنه جاء ليصلح شريعة موسى عليه السّلام، ولكن لم يمضِ على وفاته قرن أو قرنان من الزمان حتى قيل فيه ما قد قيل في غيره. وصار أشبه شيء بمعبد يحتفظ بكافة مظاهر الديانات القديمة، ودخلت في دينه الطاهر البسيط كافةُ العقائد الوثنيّة التي كانت منتشرة في الهند واليونان وفارس ورومية قبل مولده بآلاف السنين. فَدَنّسوا اسمه الكريم بأشياء هو منها بريء، وجعلوه بمثابة إله من آلهة الوثنيين، وأنزلوه منزلة إله الشمس، وهو إله وثني معروف في العالم القديم وأدخلوا في دينه كافة الرُّسوم الخاصة بالعبادات الوثنية، مع أن دينه لم يكن يختلف عن الإسلام في شيء. جاءت المسيحيّة للقضاء على الوثنيّة، فإذا بها تصبح فريسة لها لا حول لها ولا قوة، ولم يكن للفلسفة الزائفة أسوأ الأثر في العالم المسيحي فحسب، إذ أحالت الدين المسيحي إلى دين وثني، بل إن هذه الفلسفة المزعومة التي ظهرت من جديد باسم الأسبينوزية تعدى أثرها إلى الديانات القديمة في الشرق، فانتشرت عبادة الأوثان بين الأجناس السامية في آسيا الوسطى والشرقية، ولذلك كان العالم المعروف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ما بين هذه الأجناس السامية والعالم المسيحي، مضافاً إليه القبائل الشمالية في أُوروبة عبارة عن مرتع واسعة لعبادة الأوثان الممقوتة. وقد تبين لنا أخيراً أن الأجزاء المجهولة من العالم كانت تدين أيضاً بعبادة الأوثان حتى إن بعض القبائل اليهودية لم تسلم من هذه العدوى، فاشتركت في عبادة الوثان، وتقديم القرابين للأصنام المنصوبة على الكعبة. وعَبِثت يد التَّغيير والتَّبديل بجميع الكتب السَّماوية التي أُنزلت من حين إلى حين في جميع الأُمم والأقطار لهداية الناس، وأَسدلت المذاهبُ الوضعيةُ حجاب الإبهام على الكتب السماوية، وامتدت يد التحريف إلى الكتب المقدسة عند بني إسرائيل، والفرس، والهندوس، والصينيين، والبوذيين. ولم يَنجُ الكتاب المقدس من هذا المصير، حتى لا يؤمن اليوم بصحته إلا قليلٌ. ومن المسلم به أنه دَخَلَه كثير من الأقاصيص التي تتناقلها الأفواه. ويعترف كثير من رجال الكنيسة الإنجليزية أنه لا يسعهم الإيمان الصادق بكل ما ورد في الكتاب المقدس، سواء منه العهد القديم أو الجدي، كما لا يسعهم أن يحلفوا اليمين بأنه صحيح لأنهم لا يؤمنون بصحة الكثير مما ورد فيه من العقائد والأساطير. وإذا كانت تلك حال الكتب المقدسة في القرن السادس الميلادي، وحارت الأفهام في إدراك مراد الحق، كان من الصعب أن نتصور أن الله تعالى يترك الناس وشأنهم، بل كان من المؤكد أن يرسل رسولاً من لدنه، فيوحي بإذنه ما يشاء، ويعيد الدين إلى ما كان عليه من جمال وصفاء. ويشير القرآن الكريم في هذه الآية إلى ضرورة الوحي: (كانَ الناسُ أُمةً واحدة فَبَعَثَ الله النََبيين مُبَشّرينَ ومُنذرينَ وأنزلَ مَعَهُمُ الكتابَ بالحقّ ليحكُمَ بينَ الناسِ فيما اختلفُوا فيه وما اختلفَ فيه إلاّ الذينَ أُوتوه مِن بَعدِ ما جاءَتهُمُ البياتُ بَغياً بينهم فهدى اللهُ الّذينَ آمنوا لما اختلفوا فيه مِنَ الحقِّ بإذنِهِ واللهُ يهدي من يشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ) (البقرة/ 213). المنطق واضح في هذه الآية، فهي تحدثنا عن عناية الله تعالى بخلقه، وتعريفهم به، وأنه أنزل الكتب السماوية إلى مختلف الأمم، ولكنهم عَصَوا أمر ربهم، فبعث الله النبيين في كل أمة قبل النبي صلى الله عليه وسلم. ولكن كل أمة تنكّبت عن الجادّة المستقيمة، واحتدم بينهم الخلاف على أصول الدين ولكن الخلاف بلغ أشده في المسيحية، فكان لابد من أحد أمرين: إما أن يُبعثَ نبيٌ في كلِّ أمة ليحسم مادة الخلاف فيها، أو يُبعث نبيٌ واحد ليفصل في الخلاف الذي دب في الأُمم جميعاً. ويلخص القرآن الكريم الموقف كله فيما يلي من الآيات، وهو كتاب الله الأخير الذي أنزل ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه: (تالله لَقَد أرسلنا إلى أُممٍ من قَبلكَ فَزَيّنَ لهُمُ الشَّيطان أعمالَهُم فَهوَ وليُّهُمُ اليومَ ولهم عذابٌ أليم، وما أنزلنا عليك الكتابَ إلاّ لتُبينَ لَهُمُ الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون) (سورة النَّحل: 63و64) هذه الآيات أبلغ من أن تحتاج إلى أي تفسير على ضوء الحوادث التي ذكرناها آنفاً. فهي تتحدث عن أمرين (الأول): أن الشيطان زين للناس أعمالهم، و(الثاني): أن الدِّين الذي جاءت به الرسل قد تشعبت به أودية الخلاف. وإذا عرفنا أن الناس صاروا يرون أقبح ما يأتونه حسناً، علمنا أن الشيطان زين لهم أعمالهم حتى لقد كان المسيحيون يتواصون بهذا القول "فلنفعل الشَّرَّ كي يأتي الخير". وإذا استثنينا الإسلام لم نجد ديناً يخلو حتى في عصرنا الحاضر من المذاهب الأصليَّة والفرعية التي نبتت من وقت لآخر وفقاً لأهواء أهل الغرور. وفي وسع المسيحية أن تفخر _مع التواضع _ بأن لها الحظ الأوفر من أمثال هذه المذاهب!! ففيها ما ينيف على الأربعمائة مذهب! وأدهى من ذلك وأمر أنَّ الخلافات المذهبية السّائدة في جميع هذه الأديان تمس الأصول والعقائد، على عكس الحال في الإسلام حيث لا تختلف المذاهب الثلاثة أو الأربعة المعروفة في أي أصل من أصول الدين. ويجب ألا يَعزب عن البال أن الخلافات الداخلية في الأديان الأخرى ليست حديثة العهد، إذ أنها وُجدت بشكل محسوس قبل نزول القرآن مباشرة. وقد ظل كثير من الأديان سليماً بعد ظهورها بمدة طويلة إلا المسيحية، فلم يكد يمضي على وفاة صاحبها عليه السلام قرن ونصف قرن من الزمان، حتى أصبحت خليطاً من العقائد المتناقضة. ومعلوم أن الحق واحد لا يتعدد، ولكنه عند المسيحيين لا يُحصى له عدد! فهل ترى أن الله تعالى يَذرُ النَّاس على ما هم عليه، ويرضى عن هذه الفوضى؟ لقد جرت سنة الله في خلقه أن يخلق من الفوضى نظاماً في عالم الأشباح، فهل يكون الأمر بخلاف ذلك في عالم الأرواح؟ قال إنج، عميد كلية القديس بولس، مخاطباً شعبة اتحاد رجال الكنيسة في أكسفورد: "يود كثير من رجال الكنيسة لو أن حركة الحرية الفكرية وقفت خارج الباب (باب الكنيسة)! ولكن انظروا ماذا تكون النتيجة لو أن صوت الفكر الحر اختنق داخل الكنيسة الانجليزية! إذاً لكانت الكنيسة تعتقد الآن أن الشمس تدور حول الأرض، وأن الجَنَّة في مكان يمكن الوصولُ إليه في طيارة إذا عُرِف الطريق، وأن جهنم تحت أقدامنا، وأن ثوران البراكين _كما كان يزعم رجال الدين في العصور الوسطى _ ناشىءٌ من زيادة سكان الجحيم. كل هذه أمور لم يؤمن بها رجل متعلم، ولم يسعه الإيمان بها. ولو أن الكنيسة ظلت متمسكة بهذه العقائد لما بقي فيها مكان إلا للحمقى والدَّجاجلة. ويرى رجالُ الكنيسة العصريون أن الواجب يحتم على الكنيسة أن تواجه المشاكل، وتلتمس الحلول لها عن طريق البحث المنزَّة من كل قيد. وهم لا يرون أن الاستناد إلى أقوال الغير، أو إلى التقاليد الموروثة قد أدى إلى حل مشكلة من المشاكل، كما أنهم لا يرون أن الناس مكلَّفون بتصديق المبادىء التي وضعت في القرون الأولى، ولكنهم يرون وجوب مراعاة التطورات الحديثة في الفلسفة، والتّاريخ، والنّقد، وبخاصة العلوم الطّبيعيّة. وقد كشفت البحوث العلمية الحديثة في الديانات القديمة عن أشياء تسترعي انتباه المفكرين من أهل العصر، ولا يرون معها مناصاً من أن يرفضوا "العقائد التي أضفى عليها الزمن ثوب الاحترام، والآراء الدينية التي تلقاها النّاس بالقبول". ولكن هذه "العقائد التي أضفى عليها الزمن ثوب الاحترام، والآراء الدينية التي تلقاها الناس بالقبول" كانت موجودة فعلاً في القرن السادس الميلادي، وهذه الآراء السخيفة عن الجنة والنار كانت سائدة وقتئذ في العالم المسيحي. وإذا كان عيسى عليه السلام قد جاء برسالة من عند الله، فهل يرضى الله تعالى أن تظل الكنيسة المسيحية مقفرة إلا من "الحمقى والدّجاجلة" زهاء ثمانية عشر قرناً، حتى يأتي حضرة العميد العالم وزملاؤه، فيصلحوا ما فسد بمبادئهم العصرية؟ إن هذا يذكرني بأنه من المناسب في هذا المقام أن أذكر كلمة عن مداولات المجَدّدين من رجال الدين المسيحي. لقد ظلّ كبار رجال الكنيسة يجتمعون كل عام تقريباً منذ سنة 1915 لإصلاح معتقداتهم الدينية. وقد قرروا ما يأتي: (1) أن عيسى ليس إلاّ بشراً، كما أنه ليس هو الله بأي معنى من معاني الكلمة. (2) وأن بنوته لله معناها قربه من الله فقط _وهي مرحلة من الرقي الرُّوحي مفتوحة لكل بني آدم: وأن نظرية "الحبل بلا دنس" ابتدعت لمجرد تعزيز الاعتقاد في ألوهيته. (3) وأن الاعتقاد في زلة آدم اعتقاد خطأ، لأن الإنسان يبرز إلى الوجود من غير أن تكون الخطيئة مركوزة في فطرته، إذاً الخطيئة أمر كسبي. وفي وسع الإنسان أن يتخلص منها بمجهوده الخاص، وليس في وسع أحد أن يكفّر عن خطايا غيره. (4) وأن معظم الشعائر الدينية المسيحية قد اقتُبست من الوثنية، ومنها العشاء الرباني الذي تسرَّب إليها من الشعائر المعروفة عند عباد الشمس. (5) وأن عيسى كان يشارك معاصريه في أخطائهم. (6) وأن الكنيسة المسماة باسمه لم يؤسسها هو. (7) وأن الكتاب المقدس ليس كلام الله صِرفاً، ولكنه مشوب بالأقاصيص التي كانت تجري على ألسنة الناس، كما أن كثيراً من الحوادث الواردة فيه لا يقبلها العقل. (8) وأن عيسى لم يمت على الصليب بل أغمي عليه، وأن بعثه كان بالروح لا بالجسم. إذا استثنينا ما أدت إليه حركة الإصلاح الديني من نبذ العقائد السخيفة التي سادت في القرون الوسطى، ومن اعتبار بعض عقائد الكنيسة الرومانية من آثار الوثنية، بدا لنا أن هذه الحركة لم يؤد إلى إصلاح الحال إذا نظرنا إلى التركة الثقيلة التي خَلَّفها للمجددين. ومهما يكن من أمر فقد ثبت أن حركة الإصلاح الديني كانت حركة سياسية لتحرير الدولة من سلطان الكنيسة؛ ولعلها كانت تهدف إلى نقض قرارات مجمع نيقية الّذي جعل الدولة تابعة للكنيسة. ومعلوم أن الهيئات البروتستانتية ولاسيما الكنيسة الإنجليزية، تكاد تتفق مع الكنيسة الرومانية في نفس العقائد فيما عدا عصمة البابا، وبضع أمور أُخرى، ولكن المجددين أتوا على بنيان المسيحية من القواعد، ليعيدوا دين المسيح سيرته الأولى خالصاً من الشوائب، على أن المهمة التي تصدى المجددون للقيام بها، قد سبق إليها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم، ولم أرَ في مداولاتهم شيئاً ذا أهمية إلا وقد نصّ عليه القرآن الكريم، وعالجه بطريقة أكثر وضوحاً ودقة، وأكثر تمشياً مع المنطق والحقائق. ولما كانت سنة الله جرت بأن يخاطب عباده من حين إلى حين على لسان رسول من البشر، يرسله بالهدى ودين الحق _وليس في وسعهم أن ينكروا هذه السُّنة الإلهية وإلاّ انهار صرحُ المسيحية من أساسه _لم يكن المعقول أن ينتدب لهذا العمل الإلهي مجامعُ ومؤتمرات من بني الإنسان، إذ القوانين والسنن الإلهية ثابتة لا تتغير، ولن تجد لسنة الله تحويلاً. وقد أشارت كافة الديانات القديمة في العالم إلى هذه السُّنّة الإلهية _وهي اصطفاء الله تعالى لرسول واحد في كل عصر ليُبلغ رسالته للناس، فإذا تطرّق الفساد إلى هذه الرسالة، وعبثت بها أيدي النّاس بعث الله رسولاً جديداً ليطهّر الدّين مما عَلِقَ به من الشوائب والأكدار وقد أرسل الله عيسى عليه السلام لأداء هذه المهمة نفسها، مبشراً بنبي يأتي من بعده بالهدى ودين الحق. ولكن قومه لم يعبؤوا بقولهن وزعموا _متأثرين بالوثنية _ أنه جاء ليكفّر عن خطايا البشر بدمه، فنسخوا بذلك الحكم الإلهي الثابت من قديم _وهو أن النجاة منوطة بطاعة الله تعالى، وامتثال أوامره. ثم إنهم غيروا في سُنة الوحي الإلهي _ولعل ذلك بتأثير الوثنية أيضاً _ فزعموا أن الله تعالى لا يصطفي رجلاً واحداً ليكون رسولاً للناس، ولكنه يوحي إلى المجامع والمجالس المؤلفة من القساوسة والأحبار، ولكن الدين الذي يصنعه البشر، لا يمكن أن يرضي العقل، إذا كان هذا العقل قد شبّ عن الطّوق، على أن الاضطراب الفكري في العقائد الدينية الذي يعانيه الغرب االيوم ليس شيئاً جديداً، فمنذ ظهور الكنيسة ظل هذا الاضطراب ينتاب العالم المسيحي كل ثلاثة قرون أو أربعة. ثم أليست هذه المحاولات المتكررة لتجديد الدين المسيحي دليلاً على أن هذا الدّين من صُنع البشر؟ إذ لو كان من عند الله، لوجب أن يظل على حاله في جميع مراحل نمو العقل الإنساني، وأن يكون وافياً _في الوقت نفسه _ بكل ما عسى أن يَجِدَّ من المطالب والحاجات على مرور الزمن، أليست الطبيعة كلُّها تشهد بهذه الحقيقة؟ إنه ما من شيء في الكون إلاّ وقد خُلق من خُلق العالم. ومع ذلك يبدو اليوم جديداً كما بالأمس، دون أن يُقَلِّل الزمن من قدرته على الوفاء بحاجة البشر، على الرغم من خضوعه لسنة التطور المطرد. وإن الإنسان ليستطيع أن يكتشف في نُسخة الكون الأصلية كلّ ما يفي بمطالبه سواء في الحال أو في المال. ولذلك يطلق القرآن الكريم على الله تعالى اسم الرحمن، ومعناه المنعم الذي خلق الأشياء لسد حاجة البشر قبل ظهور هذه الحاجة بزمن طويل. ولا ريب أن عناية الله تعالى الذي وسع كل شيءٍ علماً سابقةٌ على ظهور الحاجة. وهكذا الشأن في الدين، إذا كان من عند الله كان شاملاً جامعاً بحيث يساير تطور العقل، ومما لاشك فيه أن المسيحية لا يمكن أن تثبت أمام هذا المحك. أما المسلمون فيرون أن الدين الذي ليست لديه المناعة القوية لمواجهة أحداث الزمن لا يعد جديراً بهذا الاسم. ولم يشعر المسلمون قط بالحاجة إلى تغيير عقائدهم الدينية مهما سمت ثقافتهم، وارتقت أفكارهم. ومن مفاخر الإسلام أنه أسدى إلى العلم والثقافة من الأيادي البيضاء ما يفوق ما أسدته المسيحية بكثير، وأنه كان يشجع دائماً حرية التعليم، ومع ذلك كان أغزر المسلمين علماً أسبق الناس إلى تأييده. وقد أثارت هذه الظاهرة دهشة إحدى الصحف الإنجليزية في الهند فلم تجد مندوحة عن الاعتراف بأنّ الحرية العلمية في الغرب أدت إلى إفلاس العقيدة الدينية، وإثارة الشكوك، ونشر المذهب المادي، على حين أنها أدت في الإسلام إلى زيادة تمسك المسلمين بدينهم. على أن هناك جانباً آخر لهذه القضية. يجدر بالمفكرين العصريين، والمشتغلين بعلم اللاّهوت من رجال الكنيسة، أن يفكروا فيه، وهو أن الصراع الفكري الذي تدور رحاه الآن في الغرب، يُثبت على الأقل أن الدّين الذي جاء به عيسى عليه السلام لم يصل إلينا بحذافيره، وعلى وجهه الصحيح. فمن المسلم به أن تعاليم المسيح عليه السلام دخلها التحريف منذ البداية، كما أن جميع الجهود التي بُذلت فيما بعد لتطهيرها من الدخيل، وإعادتها إلى صفائها الأصلي لم تكن تلقى أي تأييد من الأجيال التالية. ولئن أصابت هذه الجهود نجاحاً، لقد كان نجاحاً ظاهراً سريع الزّوال. إنّك لن تستطيع أن تعيد بناء بيت تهدم من المواد البالية. إنّك لن تستطيع أن تعيد بناء بيت تهدم على أية صورة تقارب صورته الأولى من الأنقاض والأخشاب النَّخرة، وكل ما تستطيع أن تفعله هو أن تبني بيتاً على صورته، ولكنه يكون بيتاً هزيلاً يثير الضّحك والسُّخرية، لا تطيق أن تنظر إليه، ولا أن تسكن فيه. إذا كان هذا هو مصير الجهود الذي يبذلها الإنسان ليعيد ما بناه بيده بعد أن صار خراباً، فما بال الشيء الذي هو من صُنع الله؟ إن الفواكه التي تنبت من الأرض، ثم تنضج في فصل الصيف، ثم تذبل وتبلى، فلا يبقى منها إلا العفن والعَطَن، هل يستطيع الإنسان أن يعيدها سيرتها الأولى حلاوةً وطلاوةً؟ لا ريب أن العناصر والذرات الجوهرية التي تدخل في تركيب الفاكهة، هي من صنع الله _وهي باقية لا تنقص، ولا تفنى. وهذه العناصر توجد، بل وجدت منذ وجد الزمن، في الفضاء المحيط، الذي هو كتلة هائلة مضطربة غير متجانسة، لا يعلم سرّ تركيبها إلا الله وحده. وحينما تبلى الفاكهة وتتعفن وتتلاشى، تعود الذرات الجوهرية التي تدخل في تركيبها إلى الكتلة التي جاءت منها، فتمتصها مرة أخرى. ثم يُخرجها الله تعالى تارة أخرى في الوقت المعلوم لتكون بُرعماً من براعم الرَّبيع، ثم فاكهة من فواكه الصيف. فالله تعالى هو الذي ينشئها من جديد، ويعيدها سيرتها الأولى، حين تدعوا الحاجة إليها، ولا يدٌ للإنسان في ذلك. إذا كان هذا هو الحال في أفعال الله تعالى، فهل يكون الحال بخلاف ذلك في كلامه؟ إن القرآن الكريم _وهو آخر الكتب السّماوية _ يشير إلى هذه الظاهرة الطبيعية نفسها في معرض بيانه للضرورة التي اقتضت نزوله، ألا وهي وقوع التّحريف في الكتب السماوية السابقة، يقول تعالى: (تالله لَقَد أرسلنا إلى اُممٍ من قبلكَ فَزَيّنَ لَهُمُ الشيطانُ أعمالَهم فهو وليُّهُمُ اليومً ولَهم عذابٌ أليمٌ، وما أنزلنا عليكَ الكتابَ إلاّ لِتُبينَ لَهُمُ الذي اختلفوا فيه وهدىً ورحمةً لقومٍ يؤمنون) (النحل/63_64). (وَمِنَ ثمراتِ النّخيلِ والأعنابِ تَتَّخذون مِنهُ سكراً ورزقاً حَسَناً إنَّ في ذلك لآية لقومٍ يعقلونَ)، (النحل/ 67). إذا استحال البيت إلى أنقاض، استحال على الإنسان أن يعيده كما كانت من هذه الأنقاض. وإذا بليت الفاكهة، واستحالت إلى عفونات، استحال على الإنسان أن يعيدها من هذه العفونات. وكذلك إذا دَرَست الكتبُ السَماوية، وعبث بها النّاس إما بالخطأ، أو الضياع، أو الإنكار، أو الزيادة، أو الكتمان، أو التحريف، بحيث مُسخت صورتها وَبَطلت فائدتها، استحال على الإنسان أن يُعيدها سيرتها الأولى من الحُطام الذي بَقيَ منها. كان يوجد في بلاد العرب _قبل البعثة النبوية _ جميع المعتقدات والمذاهب. فكان فيها اليهودية والمجوسية وجميع مذاهب المسيحية، ومذهب عبادة الشمس، والاعتقاد في تقمص الأرواح، ومختلف المذاهب والعبادات. ولكل منها أتباع. ولكن جزيرة العرب ظلت في صميمها بعيدة عن المؤثرات الخارجية، واتبع العرب دينهم الخاص الحافل بالخرافات، ولم يقتصروا على عبادة الشمس والقمر والنجوم، بل عبدوا كل ما هبَّ ودَبَّ من الأصنام، وأصبحت الكعبة وهي أول بيت وضع للناس، حين ذهب إبراهيم ليعبد الله وحده، محلا لعبادة 360 إلهاً، لكل يوم إله. وكان هُبَل واللات والعُزّى رؤساء هذه الآلهة. وكان العرب يصنعون الآلهة على صورة الإنسان، وعُقاب الجو، والأسد، وما شاكل ذلك. ويَجُرُّون أولادهم ليذبحوهم عند مذابح هذه الآلهة، فضلاً عن القرابين الأُخرى. افترى أنَّ الله تعالى يترك بلاد العرب وغيرها من بلاد العالم على هذه الحال الفظيعة، في وقت خلت فيه المسيحية واليهودية وغيرهما من عقيدة التوحيد، ولم تصبح مصدراً للهدى والنور؟ دعا محمد صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد الخالص، وأقام دعائمه على أساس متين لا يتزعزع. ولما كان الغرض من الدين هو تعريف الخلق بالحق، فهل يستطيع التاريخ أن يحدثنا عن شخص آخر غير النبي صلى الله عليه وسلم خدم القضية الدينية أكثر منه؟ إن عهد الشرك آخذ الآن في الزوال، على حين أن نجم التوحيد آخذ في الصعود. ويحاول القائلون بالتثليث أنفسهم، وَعَبَدة الحجارة في الهند كذلك، أن يبرروا عقائدهم الدينية وأساليب عباداتهم، وأن يُثبتوا أن عقائدهم لا تخالف وحدانية الله. والفضل في ذلك كله لما انتشر من مفهوم الدين بعد الاحتكاك بالإسلام ولما جاء به الإسلام لمحمد صلى الله عليه وسلم. لقد جرت سنة الله تعالى أن يخاطب عباده على لسان الأنبياء ليعرفهم شريعته فإذا بدل الناس وغيروا فيها، خاطبهم الله تعالى من جديد، وبعث فيهم رسولاً منهم برسالاته وكلامه، فإذا تقرر ذلك، فقد ثبت أن الكتب المنزلة قد بُدّلت وغُيّرت قبل ظهور النبي صلى الله عليه وسلم، وما فتئت على هذه الحال الآن. ولم يظهر للآن من يرد هذه الكتب إلى صورتها الأولى سوى محمد صلى الله عليه وسلم. وإزاء تلك الحال لا مفر لغير المسلمين من أحد أمرين: إما أن يؤمنوا بأن محمداً صلى الله عليه وسلم أرسله الله ليطهر الدين من الفساد، وإما أن الكتب التي ظهرت قبل القرآن ليست من عند الله، إذ لو كانت من عنده حقاً لحفظها من العبث. وفي هذا الصدد يخاطب الله تعالى الفطرة، ويبين للناس هذه الحقيقة في هذه الآية: (ما نَنسخ مِن آيةٍ أو نُنسِها نأتِ بخيرٍ منها أو مِثلها). (البقرة/ 106)، فما من شيء يزول أو يصبح غير صالح، إلا وأبدله الله تعالى بشيء جديد. هذا القانون _قانون العرض والطلب _ قانون نافذ في العالم المادي كلّه، ولابد أن يكون سارياً كذلك في العالم الرُّوحي. وكلام الله تعالى هو قوام النّفس وغذاء الروح فإذا دَرَست آثاره، وتغيرت معالمه، فلا بد أن يعود نقياً كما كان، ولقد عاد فعلاً في صورة القرآن. ــــــــــــــــ (1) موير. -------------------------------- المصدر : المثل الاعلى في الانبيا | |
|